إحنا جيلنا يا يونس زي ورق الخريف ...عارف ايه هو ورق الخريف ؟؟؟ هو ورق الشجر إللي بيذبل من البرد و المطر و التراب ...ويقع من علي الشجرة وحيد ميت ... مكسور و مع اي لمسة الكسر بيحوله لتراب ...تراب بيرميه الريح لكل مكان

الأربعاء، 4 أغسطس 2010

ورق و فضة

أخذ يجمع عملاته الفضية من أمام موظف شباك التذاكر في المترو الذي كان ينظر له بنعاس و لا مبالاة وقحة
دس العملات في جيبه بإستسلام وعدل من وضع حقيبته علي كتفه و توجه إلي المكينة يدفع التذكرة بداخلها ليمر من الالة فيندفع احدهم بملابسه المتسخة يلتصق بظهره ليعبر معه عبر الالة دون ان يدفع شيئا
توجه نحو الرصيف صاعدا السلم تاركا السلم المتحرك المزدحم إنزوي نحو نهاية الرصيف يقف بعيدا عن الزحام بينما الصوت المنبعث من السماعات لتلك الموظفة تحث المواطنين علي التزام النظام و النظافة و الهدوء إلي ان وصل المترو بصوته الالي الهادر
بخطوات متثاقلة توجه ناحية الباب لكن تلك الاكتاف اخذت تدفعه بعيدا لتسبقه إلي المقاعد رغم انه لا ينوي الجلوس اصلا بينما الركاب النازلين يتدافعون عليه ايضا حتي كاد ان يقع لكن الزحام منعه من السقوط و دفعه دفعا داخل العربة
كادت الحقيبة تسقط منه و لكنه تشبث بها حتي إستقر داخل العربة المزدحمة تزاحم انفاسه الاجساد و الانفاس الكريهة و رائحة العرق
أحدهم ممسك بالجرنال يقرء صفحة الرياضة عن مباراة الغد ليندس ثلاث ركاب أخرين بانوفهم من خلفه يقرأون معه تلك السطور ...
هذا الشاب المصوص تلتصق شعيرات وجهه بوجه تلك الفتاة الواقفة بجواره و تلك الابتسامة علي وجهه و النظرة المنسجمة التي تدل علي مشاعر مكبوتة قبيحة تبادله بنظرات فارغة و حوار غامض لا تتبين ملامحه لكنك تدرك معالمه المكررة بوجهها الأسمر فاقد الجمال و لكنه لازال يحمل بعض الملامح الانثوية و حجاب مرصع بكل الوان الحياة مع ملابس غير متناسقة ضيقة كثيرة تضم ما تبقي من الوان العالم الاخر
شاب أخر بلحية مفرغة و جلباب قصير ممسك بالمصحف و يقرء بصوت عالي بينما يلقي عليه الركاب نظرات فارغة كل حين و أخر
مجموعة اخري يرتدون البذلات و العرق يغمر وجوههم يتساخفون عن مديرهم و عن الوقت الذي سيمضونه في الأجازة غدا كلا علي قهوته المفضلة
رجل عجوز عابس يحدق في المجهول و امرأة تحمل طفل علي يدها و باليد الاخري ممسكة بطفل اخر تعاني في هذا الحر و الزحام رجل يحتضن طفلته التي تحدق في ما حولها بصمت
ضحكات عالية صاخبة من بعض الصبية المراهقين بشعورهم المثبتة الواقفة و ملابسهم فجة الالوان و بناطيلهم الساقطة كل منهم يعبث بهاتفه المحمول مشغلا بعض الأغاني باعلي الاصوات ...
ترك الحقيبة تسقط من علي كتفه ...
إنحني ...
فتحها ...
أزاح ذلك الزي الرسمي الملطخ بالدماء ...
اخذ يعبث حتي وصل بين ثياب ذلك الشرطي المجهول المصير إلي جرابه ...
يلمس ذلك المقبض المعدني ...
يحتضنه بيده ...
و يخرجه من غمده ...
إعتدل في وقفته ...
و همس لنفسه ...و عيونه تلتف علي كل تلك الوجوه و يده ترتفع نحوهم
أنا كنت عايز الباقي ورق مش فضة ...